حيـاتنا قـيـم : القيم الاجتماعية
الفرح في الاسلام
كل يومٍ لا تعصي الله فيه فهو عيد. هذا المبدأ العام يؤكد أن العيد في الثقافة الإسلامية ينطبق على كل يوم بهيج يسْعدُ فيه الإنسان ويفرحُ بعد أن يتأكد أنه لم يقترف معصية معينة. يُساعد على تحقيق هذا الأمر؛ مبدأ ديني آخر وهو التوبة، حيث إن الإنسان - المُعرض بطبيعته لارتكاب الذنوب - يمكن أن يُجدد من سجله الأبيض من خلال الندم على فعل الحرام والعزْم على الترْك، وهو يكون بعد ذلك خالياً من الذنوب، وبالتالي مُعداً للفرح بعيده الخاص.
مقال
مخطط
قصة
صناعة الفرح في الإسلام
صناعة الفرح في الإسلام
نادر المتروك
كل يومٍ لا تعصي الله فيه فهو عيد. هذا المبدأ العام يؤكد أن العيد في الثقافة الإسلامية ينطبق على كل يوم بهيج يسْعدُ فيه الإنسان ويفرحُ بعد أن يتأكد أنه لم يقترف معصية معينة. يُساعد على تحقيق هذا الأمر؛ مبدأ ديني آخر وهو التوبة، حيث إن الإنسان - المُعرض بطبيعته لارتكاب الذنوب - يمكن أن يُجدد من سجله الأبيض من خلال الندم على فعل الحرام والعزْم على الترْك، وهو يكون بعد ذلك خالياً من الذنوب، وبالتالي مُعداً للفرح بعيده الخاص. تدعو هذه المبادئ إلى الاستنتاج أن السعادة والأفراح مطلوبةٌ في الإسلام، لأنها تعني إظهار الرضا بالأقدار، وتطبيق توصياتٍ دينية تؤكدُ على مقابَلة الناس بالاستبشار، وطِيب العِشرة، والمعاملة الحسنة، والتعاون المثمر. ولم يأتِ الحديث الإسلامي عن الأعياد لتقليل هذه الدائرة أو الحد من مفاعيلها، وإنما لإعطاء ألوان مختلفة من الفرح.
الإسلام يأتي بعد قضاء عبادة معينة - الصوم هنا - فإن ذلك لا يعني تضييقاً لمعاني العيد. نعم، كل عيدٍ هو مقرون بعبادةٍ ما بحسب المبدأ الذي بدأ الكلام به، ولكن علينا أن نستذكر أن العبادة في الإسلام لها معنى واسع أيضاً، وهي لا تقتصر على تلك الالتزامات العبادية والطقوس المعروفة.
من كل ذلك يمكن استنتاج أمرين مهمين.
الأول: جاء تشريع العيد ليُوثق المعنى الإيجابي في الإسلام للحياة، وليُثبت قيم الانفتاح على الفرح، والتسامح مع ألوان اللهو البريء، والابتهاج بمُتع الدنيا وخيراتها. ومما يدعم ذلك؛ ما روته بعضُ المصادر عن الرسول الأكرم قوله في بيان فلسفة العيد: ‘’لتعلم يهود أن في ديننا فسحة. إني أُرسلت بحنيفية سمحة’’ (رواه أحمد). فلا يمكن تصور عيدٍ خالٍ من ‘’الفسحة’’ المشروعة، وهو تعبير شامل ينطوي على كل فعاليات الاستمتاع غير الضار.
الأمر الثاني: اقترانُ العيد بالعبادة. ولا يمكن هنا أيضاً إلى الناس معاً. (بالطبع، المُراد من هذا التقسيم هو بلحاظ اعتباري معين). يبطُلُ معنى العيد مع سقوط هذا الاقتران في العبادة. في عيد الفطر، هناك صلاة العيد التي تُمثل توكيداً على مواصلة الارتباط بالله تعالى. وهناك أيضاً زكاة الفطر، وهي أبرز مصاديق العبادات المعنية بالناس وبتحسين حياتهم وتجميلها مباشرةً. عندما يتحقق هذا التوجه العبادي المتكامل في العيد؛ فإن الفرحة تُصبح حقيقية وكاملة وذات إشعاع يحتضن الجميع. فرحةٌ فردية تنطلقُ من مبدأ القُربى بالله، باعتباره أساس البناء العبادي الإسلامي، وفرحةٌ اجتماعية قائمة على أساس مبدأ الأخوة بين المسلمين والمؤمنين ومبدأ المشابَهة بين بني البشر (أخٌ لك في الدين أو نظير لك في الخلْق)، وهما ركيزتا الحياة الاجتماعية في الإسلام. إن الإسلام حريصٌ على صناعة الفرحة، والتشجيع عليها في صميم عباداته وطقوسه وتشريعاته. إنها صناعة مستمرة، ولا تقتصر فقط على يوم واحد أو يومين في العام، ذلك